مع اختتام أعمال مؤتمر الأطراف COP30، أبرزت القمة تقدمًا ملموسًا في عدد من الملفات، إلى جانب تذكير واضح بحجم التحديات التي لا تزال قائمة. فعلى الرغم من إحراز تقدم في بعض الركائز الفنية للإطار المناخي العالمي، أكدت المفاوضات أن العالم لا يزال يواجه صعوبات في مواءمة الطموح مع التنفيذ. وقد شددت قمة هذا العام على الحاجة الملحة لتطبيق حلول عملية واسعة النطاق للوفاء بأهداف اتفاق باريس للمناخ.
قراءة واقعية لجهود العمل المناخي العالمي
في معظم مسارات النقاش، وجد المندوبون أنفسهم أمام الانقسامات التقليدية بين الدول المتقدمة والنامية. وظلت قضايا التمويل المناخي، والتكيف، والتحول العادل من أبرز الملفات تعقيدًا. وعلى الرغم من ذلك، أسفر COP30 عن عدد من التطورات المهمة التي ستسهم في تشكيل أجندة العمل المناخي العالمية خلال العقد المقبل.
أبرز الإنجازات
- تعزيز منظومة التمويل المناخي
كان من بين أكثر مخرجات COP30 متابعةً، التركيز المتجدد على إعادة بناء الثقة في منظومة التمويل المناخي العالمية. وقد أقرت الدول بأن التمويل القابل للتنبؤ والشفاف وسهل الوصول يُعد شرطًا أساسيًا لتمكين الدول النامية من تنفيذ إجراءات مناخية ذات أثر ملموس.
تم الإعلان عن تعهدات أولية لتعزيز تمويل التكيف ودعم المناطق الأكثر هشاشة. ومع ذلك، لا يزال التحدي الأكبر متمثلًا في كيفية رفع حجم التمويل إلى مستويات تُقدر بالتريليونات سنويًا، وهو ملف سيُرحّل إلى جولات المفاوضات المقبلة.
- تقدم في الهدف العالمي للتكيف
شهد الهدف العالمي للتكيف مزيدًا من الوضوح والتنظيم هذا العام، حيث اتفق المفاوضون على:
- إطار معزز للتخطيط والقياس
- مؤشرات وطنية لمتابعة التقدم
- دعم أكبر للمناطق الأكثر عرضة لتغير المناخ
ويُعد ذلك خطوة مهمة نحو جعل نتائج التكيف قابلة للقياس والمقارنة بين الدول.
- توسيع التوافق بشأن التعاون غير السوقي (المادة 6.8)
حقق COP30 أحد أبرز اختراقاته في مجال التعاون غير السوقي، حيث وافقت الدول على توجيهات تهدف إلى تعزيز:
- نقل التقنية
- بناء القدرات
- تنسيق السياسات
- التعاون الدولي بعيدًا عن الاعتماد الحصري على أسواق الكربون
ومن المتوقع أن تفتح هذه الآليات مسارات جديدة للشراكات المناخية الدولية خارج الأدوات التقليدية القائمة على السوق.
- مسار أوضح لقطاعي الزراعة والنظم الغذائية
حظي قطاع الزراعة بمكانة بارزة في أعمال المؤتمر، نظرًا لدوره المحوري في الانبعاثات والصمود المناخي على حد سواء. وقد شملت خارطة الطريق المعتمدة:
- الإدارة المستدامة للتربة
- كفاءة استخدام المياه
- استراتيجيات خفض انبعاثات الميثان
- دعم صغار المزارعين وتطبيق الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا
ويوفر ذلك إطارًا منظمًا لتحويل النظم الغذائية عالميًا في ظل تزايد التحديات المناخية.
مجالات شهدت تقدمًا محدودًا
- فجوة تنفيذ التمويل المناخي
على الرغم من تجديد الالتزامات، لا تزال الفجوة بين التمويل المطلوب والمُتاح تتسع. كما لا يزال الهدف طويل الأجل للتمويل بعد عام 2025 غير واضح المعالم، مما يضع الدول النامية أمام حالة من عدم اليقين عند التخطيط لاستراتيجياتها المناخية الوطنية.
- طموح التخفيف من الانبعاثات
لم تقم العديد من الدول الكبرى المسببة للانبعاثات بتعزيز خططها المناخية الوطنية بصورة جوهرية. ولا تزال مسارات خفض الانبعاثات القائمة على أسس علمية موضع حساسية سياسية، فيما يُعد مستوى التقدم الحالي غير كافٍ للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية.
- إطار التحول العادل
على الرغم من تأكيد الدول على أهمية العدالة والإدماج الاجتماعي في عملية التحول الطاقي، لم يتم التوصل إلى إطار دولي موحد. ولا يزال التحول غير متوازن بين المناطق المختلفة، في ظل تفاوت فرص الوصول إلى التقنية، وتأثيرات التوظيف، والقدرات المالية.
الطريق إلى الأمام
أكد COP30 أن السنوات المقبلة يجب أن تركز على التنفيذ وتحقيق النتائج الفعلية. وتشمل التوقعات الرئيسية للمرحلة القادمة:
- وضع إطار طويل الأجل واضح للتمويل المناخي
- تحديث الخطط الوطنية بما يتوافق مع هدف 1.5 درجة مئوية
- تركيز أقوى على التكيف وبناء المرونة المناخية
- تعزيز الشفافية والمساءلة في الالتزامات المناخية
وقد شكل المؤتمر تذكيرًا بأن التوافق العالمي، رغم صعوبته، لا يبرر تأجيل العمل المناخي الحاسم. ويتعين على الدول الآن تحويل النصوص التفاوضية إلى سياسات واستثمارات وتقدم ملموس على أرض الواقع.